2018-10-20 14:10:29

بسم الله الرحمن الرحيم

الدجاجة أم البيضة

" لقد أصبح عمر الصيصان 20 يوما ولم يزد وزنها عن 1,8 كجم, لابد أن تصل إلي الوزن المطلوب(2 كجم) قبل أن يتم عمرها 25 يوما"

هل ربما سيأتي اليوم الذي تسمع فيه تلك العبارة. ليس مستبعدًأبداً وسط الشغف العالمي لإنتاج الدواجن. بالأخص وسط التهافت والطلب المتزايد علي لحوم الدواجن في كافه أرجاء العالم. فلحوم الدواجن تمتاز عن غيرها من اللحوم بكثير من المميزات. فهي أقل ثمناً من لحوم الأبقار والأسماك الباهظة الثمن.وأيضا يستسيغها أغلب الناس حول العالم. فلقد إستطاعت الدواجن أن تغزو جميع مجتمعات العالم بمختلف الثقافات والأعراق. فكل مجتمع له لمساته الخاصة لطهي الدواجن علي حسب ميول هذا المجتمع. وبهذا الإنتشار كان من الطبيعي أن يزيد الإنتاج العالمي للدواجن ليقابل هذا الطلب علي السلعة. وزيادة الإنتاج قابلتها زيادة في إنتاج المحاصيل الزراعية التي تمثل الغذاء الرئيسي للدواجن. وأيضاً المعامل البحثية تولت دوراً هاما في هذه الظاهرة. فمنها من تخصص في تطوير سلالات الدواجن بأنواعها لإنتاج اللحومأو لإنتاج بيض المائدة بشكل أفضل وأكثر إنتاجية في أقل وقت زمني. ومنها من طور قواعد التغذية السليمة للوصول لأقصي إنتاجيةأيضاً في أقصر وقت زمني. ومنها من إهتم بمعالجة المشاكل المرضية التي إجتاحت هذا المجال بقوة من أمراض بكتيرية إلي أمراض أخري فيروسية.

وهذا المجال الأخير المختص بمحاربة الأمراض والعدوي بما يشهده من تطورات تشكل إنذار خطر كبير للعالم أجمع. فإذا نظرنا إلي تاريخ الدواجن حول العالم. سنجد أنها من الحيوانات المستحدث العلم بها كمصدر للغذاء. فبعض العلماء يرجح ظهور الدواجن كمصدر رئيسي للبروتين الحيوانيفيالقرن الخامس قبل الميلاد في اليونان وجنوب أوروبا و أيضاًعلي شواطيء البحر المتوسط.أما قبل ذلك فقد ظهرت الدواجن في نقوش بعض الحضارات القديمة كالحضارة الفرعونية ولكنها كانت تسخدم في رياضة تقاتل الديوك. فالإستخدام الكبير للدواجن كمصدر من المصادر الرئيسية للبروتين الحيواني يعتبر أمراً حديثاًتاريخياُ في عمر البشر.

وبذلك فإن زيادة أعداد الدواجن المنتجة للحم والبيضأصبحت حقيقة واقعة لابد أن نتعامل معها ونتحمل عواقبها. فهناك العديد من العواقب والمشاكل التي يواجهها العالم نظراًإلي تطور صناعة الدواجن حول العالم.فمن أهم تلك المشكلات هي مشكلة الغذاء وإهداره وتطور الأمراض المعدية سواء بكتيرية أو فيروسية.

 فلقدأقرت منظمة الصحة العالمية في عام 2013 بأن العالم يهدر ما يقرب من 34% من الغذاء الغير مصنعمن المنتجات الزراعية والحيوانية و54 % من الغذاء المصنع. وهو ما يعادل إهدار 54%  من الحجم  الكلى لإنتاج الغذاء في العالم. والغريب أنه في ظل هذا الإهدارالضخم فإن العالم يتجه إلي إنتاج المزيد من الدواجن  وبالتالي المزيد من الحبوب ومنتجات التغذية المطلوبة لإنتاج تلك الدواجن.

فبالتالي يجب علينا أن نتعامل وأن نرتقب عواقب هذه الخطط الإنتاجية. فإن الزيادة الغير طبيعية في تعداد أي كائن علي وجه الأرض نسبيا للكائنات الأخري لابد أن تواجهها عواقب. ومن أخطر هذه العواقب حرب البقاء البيولوجية بين الكائنات الأخري. و أخطر هذه الكائنات هو أصغرها وهي البكتيريا والفيروسات. فبطبيعة الحال نحن نحاول جاهدين في هذه الصناعة أن نقضي علي جميع الأمراض التي تؤثر سلبا علي إنتاجية القطاع. ورغم كل جهود المعاهد البحثية والجامعات حول العالم إلا أننا نفاجأ كل بضعة أعوام بوباء جديد يجتاح الصناعة. فمن يستطيع أن ينسي مشكلة إنفلوانزا الطيور H5N1 وتحور الفيروس في عام 2004.وكيف إستطاع هذا الفيروس التحور في فترة قصيرة ليصل إلي إصابة الإنسانومن ثم ليصيب الخنازير وبدورها تطورت عترة جديدة معدية وهيإنفلونزا الخنازيرH1N1 والتى أيضاً إستطاعت أن تتطور سريعا ًوتصيب الإنسان. وبهذا التطور السريع فقد خرق هذا الفيروس المعتقد العلمي المعروف عن سرعة التغيير والإنجرافالأنتيجيني(Antigenic Shift and Antigenic Drift). وحتي الآن تعاني أغلب دول العالم من هذا الفيروس الخطير. حتي الولايات المتحدة الأمريكية وهي من أقوي الدول حول العالم في مجال التطوير الجيني وإنتاج اللقاحات البيولوجية. فلقد أعلن مركز الوقاية والسيطرة علي الأمراض CDCهذا العام أن العترة المعدية لمرض إنفوانزا الطيورH5N1 قد أصابت 21 ولاية في شرق ووسط الولايات المتحدة محدثة خسائر ضخمة في قطاعات الدواجن. ورغم محاولات الدولة للقضاء علي المرض فإنهم حتي هذه اللحظة لا يستطيعون القضاء عليه نهائياً.

وبالرغم من كل تلك المشكلات لا يفكر العالم تفكيراً عملياً في حل أصل المشكلة. وإنما نتجه إلي الإنتاج والتوسعات والإختراعات الجديدة للوصول لأسرع وأفضل إنتاجية. وإنتاج لقاحات وحلول جديدة لمحاربة الأمراض. وأخشي ما أخشاه أن يذهب ما يصنع العالم سدي وكعادة الأمر تنتصر الطبيعة. ثم تصبح الصيصان أسطورة عن كائن لا يعلمه إلا القليلون الذين عاشوا فترة إزدهار تلك الصناعة.

فربما يكمن الحل الأمثل لكل تلك المشكلات بين أيدينا ونحن في غفلةٍ عنه. فلو إتجه العالم إلي ترشيد الإستهلاك الغذائي والحد من الإهدار المفرط للغذاء. ربما نستطيع وقتها أن نقلل من كل المشكلات التي تضر بكل الكائنات الحية علي وجه الأرض. وفي هذه الحالة سوف يتوفر للإنسان جميع إحتياجاته الغذائية وبإنتاجية أقل مما ينتجه في الوقت الحالي. وفي نفس الوقت سوف يقل العبء الإقتصادي والعبء الإنتاجي علي الصناعة. فبطبيعة الحال إن إنخفض الإنتاج العالمي للدواجن فسوف يقل معدل الإصابات المرضية ويسهل أيضاً السيطرة عليها إن وجدت.

أما إذا إستمر العالم في هذا السباق فالله وحده أعلم من سيستطيع الإنتصار في هذا السباق الغير منطقي للإنتاج المفرط للغذاء المهدر.فهل ينتصرالإنسانبعلمهوتقدمه أم تنتصر الطبيعة بتطور كائناتها وشراسة أمراضها ؟؟؟؟

 د/ محمد عبد الشافى القاضى

  نائب رئيس مجلس إدارة

   شركة بيوتريد

 








الموضوعات المشابهه

الزراعة: رصدنا زيادات غير مبررة في أسعار

كيف يستعد الطب الوقائي لمواجهة إنفلونزا الطيور

افاق التعاون بين مصر والمجر في مجال

وكيل طب بيطري الزقازيق: نسبة 61% من

وزير الزراعة لـ"الأعلى للإعلام": 28 ألف مستفيد

الدكتور محمد عبدالله يكتب: كيفية التعرف على

الرقابة الإدارية تتفقد المفارم الطبية بمستشفيات ووحدات

البقرة المعدلة وراثيًا لمقاومة المناخ شديد الحرارة

Anti-nutritional factors in feed stuffs المواد المثبطة

منتجات الدواجن العضوية.. بين المعروض والمفروض

شعبة الدواجن: اجتماع مرتقب مع مسئولى الزراعة

نور الدين: تعليمات واضحة بشأن الإفراج عن

الاسم
البريد الالكترونى
التعليق
كود التحقق